عاشوراء على الطريقة المغربية: عادات غريبة تجمع بين الروحي والأسطوري
عاشوراء على الطريقة المغربية:
عادات غريبة تجمع بين الروحي والأسطوري
الكسكس بديالة خروف العيد وجبة خاصة بليلة الشعالة
نجيب الشرقاوي
ما يميز
عاشوراء بالمغرب، هو رغم أنها مزيج من الأديان والمذاهب و العادات و
التقاليد، فإن المغاربة لا يؤمنون إلا بأمر واحد، هو أن احتفالاتهم موروثة
عن الآباء والأجداد فقط. و تختلف عاشوراء عندنا في المغرب عن نظيرتها في
بقية البلدان العربية والإسلامية، إذ ترتبط بالعادات وبالخصوصية المحلية،
أكثر مما تحيل على أحداث تاريخية إسلامية.
تستعد
الأسر للاحتفال بعاشوراء منذ عيد الأضحى بحيث يتم الاحتفاظ بعظم الرجل
اليمنى لكبش العيد، يتم تنظيفه بعناية فائقة و تسميته ( بابا عيشور )، و
مع بداية شهر محرم يزين ( بابا عيشور) وتصمم له الفتيات لباسا أبيض من قطع
قماش هي عبارة عن جلباب وسلهام، ثم يحتفلن به طيلة الأيام الأولى من شهر
محرم.
حتى إذا
حل اليوم التاسع من محرم ( يصادف هذه السنة يوم السبت 24 نونبر 2012 )
يموت ( بابا عيشور ) فيقام له موكب جنائزي حزين، وتتولى الفتيات الصغيرات
النواح و البكاء عليه، و هن ترددن العديد من المحفوظات و الأغاني، بعضها
يحكي قصة مقتل رجل يمكن أن يكون الحسن أو الحسين، و لكن لا تجد إشارة اسمية
لأحدهما، بحيث تطلق عليه هذه الأهازيج المحفوظات كالتالي ( عيشوري عيشوري،
دليت عليك شعوري ) أو ( عيشور يا بو مديجة، مات و خلى خديجة ) و هناك أخرى
( آويلي عيشور كان عندي و داه الواد، آويلي سلهامتو ملوية على لعواد ) في
حين يتولى الأطفال القيام بإجراءات الدفن.
إن
احتفالات عاشوراء في المغرب تستمر باحتفالات غريبة عشية التاسع من محرم،
يعرفها الجميع بليلة ( الشعالة )، حيث يتم إشعال نيران ضخمة قبيل غروب
الشمس في بعض الساحات في القرى أو في بعض المدن العتيقة و التي ما يزال
سكانها يحتفظون بمثل هذه العادات و التقاليد، حيث يحيط الأطفال و الفتيات
بهذه النيران، على مرأى و مسمع من الكبار من الرجال و النساء، وهم يقفزون
حولها و يضربون على الدفوف و ( التعريجة ) أو ( الطعريجة ) متأبطين العديد
من اللعب كالمزامير والدمى والمسدسات المائية و الألعاب النارية وغيرها من
اللعب التي يقتنيها الكبار لأبنائهم
و أما
يوم العاشر من محرم ( يصادف هذه السنة يوم الأحد 25 نونبر 2012 ) فيسميه
المغاربة بيوم زمزم. و إذا كانت التسمية تحيل على مرجع إسلامي ( بئر زمزم )
فإن الطقوس الاحتفالية تعود حسب البعض إلى عادات عرفها المغرب منذ القدم.
ذلك أنه يمكن القول بأنها تعود إلى طقوس من الديانة اليهودية، إذ كان
يتمسك بها اليهود المغاربة منذ قرون، حيث يعتقدون بأن الماء هو الذي كان
سببا في نجاة النبي موسى عليه السلام من فرعون وجنوده، في مثل ذلك اليوم. و
لقد حث الإسلام على صوم يوم عاشوراء، تخليدا لعملية إنقاذ الله لنبيه
موسى. و هكذا ساد الاعتقاد بأن الماء في هذا اليوم يتحول إلى رمز للنماء
والخير والحياة و استجابة الدعوات، حيث يرش به الكبار أموالهم وممتلكاتهم و
أبدانهم، أملا في أن يبارك الله لهم فيها. و في العديد من المدن و الأحياء
في يوم زمزم، تتحول الأزقة والشوارع إلى أنهار صغيرة بفعل المياه التي
استعملت عند تبادل الرش بين الكبار و الصغار، حيث يقوم الأول برش الباقين
بماء بارد لتستمر عدوى الرش بين الجميع، ويخرج الأطفال والشبان، إلى
الشوارع لرش كل من يمر بالماء عرفوه أم لا، خصوصا داخل الأحياء الشعبية. و
رغم أن عملية الرش غالبا ما أصبحت حاليا تثير بعض المناوشات بين المارة
المتوجهين إلى أعمالهم و الذين قد يكونون إما نسوا أو تناسوا هذه الطقوس
الشعبية، فإن الكبار في الغالب يباركونها، ويعتبرونها جزءا لا يتجزأ من
الاحتفال بهذا اليوم. ومن أبرز طقوس اليوم العاشر من محرم زيارة المقابر
بشكل مكثف من طرف النساء للترحم على الموتى، و تقوم الفتيات بزيارة ( بابا
عيشور )، و تتم عملية ( زمزم ) للقبور، و هي رشها بالماء.
إن
إحياء ذكرى عاشوراء يتميز في المغرب باحتفالات متنوعة تجري وسط أجواء
روحانية وتقاليد اجتماعية و طقوس أسطورية، و هكذا تجد العديد من الناس
يميلون في هذه المناسبة إلى الأجواء الروحانية في المساجد، ينصرفون إلى
الصلاة والعبادة و صوم يوم عاشوراء، و تقديم ( العشور ) و هي الزكاة، كما
يحضر البعد الصوفي في احتفالات الرجال بتنظيم حلقات للذكر و السماع وهو نوع
من التوسل لله بجاه نبيه محمد صلى الله عليه وسلم وجاه الأولياء. أما
البعض الآخر فيعتقدون جازمين على أن عاشوراء فرصة سانحة للقيام بأعمال
سحرية و استمالة أرواح الجن و الشياطين عقب القيام بطقوس و إعداد تمائم
خاصة و اقتناء مواد و جلود و غيرها حيث تنشط العديد من محلات بيع مثل هذه
المواد بدرجة كبيرة.
و تشهد
عملية بيع التمور والفواكه الجافة من جوز ولوز وزبيب و حمص و تين، و هي
المعروفة عند الجميع في المغرب بـ ( الفاكية ) نقلا عن كلمة الفاكهة،
رواجا كبيرا حيث إن اقتناءها يعتبر لدى الأسر المغربية أحد شروط الاحتفال
بعاشوراء و هي بمثابة شراء الخروف في عيد الأضحى.
و من
العادات الشائعة و المعمول بها في ليلة عاشوراء أن تتجمل النساء ويتزين
بالحلي ويلبسن أجمل الألبسة التقليدية، و يتبادلن الزيارات متباهيات
بأزيائهن.
و من
أهم مميزات الاحتفال بعاشوراء هو إعداد كسكس بلحم على شكل ( قديد ) و هو
عبارة عن ( ديالة ) خروف عيد الأضحى بحيث تعدها النسوة لهذا الغرض من ذبيحة
العيد.
عاشوراء على الطريقة المغربية:
عادات غريبة تجمع بين الروحي والأسطوري
الكسكس بديالة خروف العيد وجبة خاصة بليلة الشعالة
ما يميز
عاشوراء بالمغرب، هو رغم أنها مزيج من الأديان والمذاهب و العادات و
التقاليد، فإن المغاربة لا يؤمنون إلا بأمر واحد، هو أن احتفالاتهم موروثة
عن الآباء والأجداد فقط. و تختلف عاشوراء عندنا في المغرب عن نظيرتها في
بقية البلدان العربية والإسلامية، إذ ترتبط بالعادات وبالخصوصية المحلية،
أكثر مما تحيل على أحداث تاريخية إسلامية.
تستعد
الأسر للاحتفال بعاشوراء منذ عيد الأضحى بحيث يتم الاحتفاظ بعظم الرجل
اليمنى لكبش العيد، يتم تنظيفه بعناية فائقة و تسميته ( بابا عيشور )، و
مع بداية شهر محرم يزين ( بابا عيشور) وتصمم له الفتيات لباسا أبيض من قطع
قماش هي عبارة عن جلباب وسلهام، ثم يحتفلن به طيلة الأيام الأولى من شهر
محرم.
حتى إذا
حل اليوم التاسع من محرم ( يصادف هذه السنة يوم السبت 24 نونبر 2012 )
يموت ( بابا عيشور ) فيقام له موكب جنائزي حزين، وتتولى الفتيات الصغيرات
النواح و البكاء عليه، و هن ترددن العديد من المحفوظات و الأغاني، بعضها
يحكي قصة مقتل رجل يمكن أن يكون الحسن أو الحسين، و لكن لا تجد إشارة اسمية
لأحدهما، بحيث تطلق عليه هذه الأهازيج المحفوظات كالتالي ( عيشوري عيشوري،
دليت عليك شعوري ) أو ( عيشور يا بو مديجة، مات و خلى خديجة ) و هناك أخرى
( آويلي عيشور كان عندي و داه الواد، آويلي سلهامتو ملوية على لعواد ) في
حين يتولى الأطفال القيام بإجراءات الدفن.
إن
احتفالات عاشوراء في المغرب تستمر باحتفالات غريبة عشية التاسع من محرم،
يعرفها الجميع بليلة ( الشعالة )، حيث يتم إشعال نيران ضخمة قبيل غروب
الشمس في بعض الساحات في القرى أو في بعض المدن العتيقة و التي ما يزال
سكانها يحتفظون بمثل هذه العادات و التقاليد، حيث يحيط الأطفال و الفتيات
بهذه النيران، على مرأى و مسمع من الكبار من الرجال و النساء، وهم يقفزون
حولها و يضربون على الدفوف و ( التعريجة ) أو ( الطعريجة ) متأبطين العديد
من اللعب كالمزامير والدمى والمسدسات المائية و الألعاب النارية وغيرها من
اللعب التي يقتنيها الكبار لأبنائهم
و أما
يوم العاشر من محرم ( يصادف هذه السنة يوم الأحد 25 نونبر 2012 ) فيسميه
المغاربة بيوم زمزم. و إذا كانت التسمية تحيل على مرجع إسلامي ( بئر زمزم )
فإن الطقوس الاحتفالية تعود حسب البعض إلى عادات عرفها المغرب منذ القدم.
ذلك أنه يمكن القول بأنها تعود إلى طقوس من الديانة اليهودية، إذ كان
يتمسك بها اليهود المغاربة منذ قرون، حيث يعتقدون بأن الماء هو الذي كان
سببا في نجاة النبي موسى عليه السلام من فرعون وجنوده، في مثل ذلك اليوم. و
لقد حث الإسلام على صوم يوم عاشوراء، تخليدا لعملية إنقاذ الله لنبيه
موسى. و هكذا ساد الاعتقاد بأن الماء في هذا اليوم يتحول إلى رمز للنماء
والخير والحياة و استجابة الدعوات، حيث يرش به الكبار أموالهم وممتلكاتهم و
أبدانهم، أملا في أن يبارك الله لهم فيها. و في العديد من المدن و الأحياء
في يوم زمزم، تتحول الأزقة والشوارع إلى أنهار صغيرة بفعل المياه التي
استعملت عند تبادل الرش بين الكبار و الصغار، حيث يقوم الأول برش الباقين
بماء بارد لتستمر عدوى الرش بين الجميع، ويخرج الأطفال والشبان، إلى
الشوارع لرش كل من يمر بالماء عرفوه أم لا، خصوصا داخل الأحياء الشعبية. و
رغم أن عملية الرش غالبا ما أصبحت حاليا تثير بعض المناوشات بين المارة
المتوجهين إلى أعمالهم و الذين قد يكونون إما نسوا أو تناسوا هذه الطقوس
الشعبية، فإن الكبار في الغالب يباركونها، ويعتبرونها جزءا لا يتجزأ من
الاحتفال بهذا اليوم. ومن أبرز طقوس اليوم العاشر من محرم زيارة المقابر
بشكل مكثف من طرف النساء للترحم على الموتى، و تقوم الفتيات بزيارة ( بابا
عيشور )، و تتم عملية ( زمزم ) للقبور، و هي رشها بالماء.
إن
إحياء ذكرى عاشوراء يتميز في المغرب باحتفالات متنوعة تجري وسط أجواء
روحانية وتقاليد اجتماعية و طقوس أسطورية، و هكذا تجد العديد من الناس
يميلون في هذه المناسبة إلى الأجواء الروحانية في المساجد، ينصرفون إلى
الصلاة والعبادة و صوم يوم عاشوراء، و تقديم ( العشور ) و هي الزكاة، كما
يحضر البعد الصوفي في احتفالات الرجال بتنظيم حلقات للذكر و السماع وهو نوع
من التوسل لله بجاه نبيه محمد صلى الله عليه وسلم وجاه الأولياء. أما
البعض الآخر فيعتقدون جازمين على أن عاشوراء فرصة سانحة للقيام بأعمال
سحرية و استمالة أرواح الجن و الشياطين عقب القيام بطقوس و إعداد تمائم
خاصة و اقتناء مواد و جلود و غيرها حيث تنشط العديد من محلات بيع مثل هذه
المواد بدرجة كبيرة.
و تشهد
عملية بيع التمور والفواكه الجافة من جوز ولوز وزبيب و حمص و تين، و هي
المعروفة عند الجميع في المغرب بـ ( الفاكية ) نقلا عن كلمة الفاكهة،
رواجا كبيرا حيث إن اقتناءها يعتبر لدى الأسر المغربية أحد شروط الاحتفال
بعاشوراء و هي بمثابة شراء الخروف في عيد الأضحى.
و من
العادات الشائعة و المعمول بها في ليلة عاشوراء أن تتجمل النساء ويتزين
بالحلي ويلبسن أجمل الألبسة التقليدية، و يتبادلن الزيارات متباهيات
بأزيائهن.
و من
أهم مميزات الاحتفال بعاشوراء هو إعداد كسكس بلحم على شكل ( قديد ) و هو
عبارة عن ( ديالة ) خروف عيد الأضحى بحيث تعدها النسوة لهذا الغرض من ذبيحة
العيد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق