الاثنين، 12 نوفمبر 2012

مراكش، مدينة الألف مكان ومكان للخروج


ما الذي يجعل المدينة الحمراء يا ترى تلقى كل هذا النجاح؟ ما السبب الذي جعل هذه العاصمة السلطانية تتحول إلى قِبلة لعشاق السهر وللناس عموما؟ فالمدينة التي كانت إلى وقت قريب وجهة سياحية عادية أضحت في ظرف سنوات قليلة قطبا عالميا شهيرا مثل إبيزا أو ميامي...

نجوم السينما يبنون فيها فيلات خاصة بهم، وغيرهم من الناس يشترون فيها منزلا ثانويا للاستجمام، والفرنسيون يقضون فيها بانتظام عطلة نهاية الأسبوع... وباختصار فإن الناس جميعا تلتقي في مراكش! هذا هو ما جعلنا نحاول دراسة هذه الظاهرة التي لم تكد تزعزعها الأزمة العالمية. والبرنامج شامل لكل شيء، من المحلات الأسيوية إلى الملاهي الليلية المتميزة إلى السهرات الحية والعناوين ذات الاختصاص في الطبخ الإيطالي... كما أن بعض كبار الطباخين الفرنسيين لم يخطئوا العنوان حين جاءوا ليستقروا في المدينة ذات الألف وجهة ووجهة للخروج... ناهيك عن عاشق سيارات الرولس رويس المتيم الذي افتتح مطعما مخصصا بالكامل لسيارته المحبوبة!
بينما يرخي الليل ستاره يكون بعض الناس قد رقصوا يومهم كله حول المسابح العصرية التي تشبه مراقص مفتوحة، مثل Nikki Beach وPlage Rouge، أما الآخرون فيكونون قد انتظروا انقضاء النهار كي ينطلقوا لاستكشاف مراكش ليلا مع عناوينها المخصصة للسهر والموسيقى والطبخ الرفيع.

أجواء السهرات الحية الخروج ثم الخروج كل يوم من أيام الأسبوع لمن شاء ذلك... أجل ! هذا ممكن في مراكش، حتى ولو قررتم تغيير مكان الخروج كل يوم من أجل تفادي الملل.
ولمن يحبون أجواء السهرات الحية هناك العديد من والملاهي حيث يمكنهم بدء السهرة أو إنهاؤها. أشهر مكان يمتاز بهذه الأجواء هو ملهى Jad Mahal، الذي يستمتع زائره بالخشبة الواسعة وعليها فريقه الموسيقي Mahal’s Band الذي جاوزت سمعته حدود المدينة الحمراء، والذي ترقص على أغانيه المختارة من فن الروك جماهير من الزائرين الذين يحرصون على القدوم مبكرا ليجدوا مكانا! أما في L’Amentis، مطعم L’Hivernage، فإن المغنية الأمريكية اللاتينية أنا كارلا سينكلير Ana Carla Sinclair هي التي تنشط الحفل. هذه المغنية ذات الإغراء الفاتن تقدم حفلات رائعة تفيض حركية ونشاطا، أما في الربيع والصيف فإن الحفلات تقدم في الباحة الخارجية...
أما Le Blokk فيقدم وصفة فريدة تتمثل في سماع الأغاني الشهير بأصوات المغنين والمغنيات أثناء تناول العشاء، في إطار مستوحى من عشرينات القرن الماضي في أمريكا، بأضواء خافتة ومغنين يرتدون بذلات السموكينغ، إلى غير ذلك من التفاصيل التي تجعل المكان ساحرا بالفعل. ولمحبي الجاز هناك مطعم لورنس، وهو بيانو-مطعم في فندق Sofitel Marrakech، حيث تتوالى الثنائيات والمجموعات الموسيقية والمغنيات ذوات الأصوات الساحرة ولاعبو البيانو الماهرون. ولمن يبحثون عن شكل مختلف تماما هناك Yellow Sub، وهو مطعم من موجة الخنافس الجدد néo-hippie، أقام مؤخرا خشبة عرض يستقبل عليها موسيقيين من داخل المغرب وخارجه من أجل إحياء أمسيات حية تحت شعار الروك وغيره إذا اتفقت الأذواق...

أفضل النوادي الليليةn, بصفتها عاصمة حقيقية للاحتفال والسهر، تضم مراكش أجمل العلب الليلية في المغرب. فعند منتصف الليل من نهاية الأسبوع ترى الجميع متوجهين نحو أشهر العناوين وأكثرها مواكبة لروح العصر. فاتبعوا الدليل...

يريد ملهى "سويت كلوب" Suite Club أن يكون أفضل النوادي الليلية، وأسلحته في ذلك ديكور عتيق وائن مختارون بعناية ومنشطون موسيقيون ذوي شهرة عالمية. واليوم فإن الملهى يتمتع بسمعة طيبة، وهو ما لا يخطئ الشباب المخملي فيه. فقد عرف هذا النادي، مثله مثل كل النوادي التي تشهد إقبالا، كيف يؤسس تقليدا يتمثل في أمسيات أسبوعية موضوعاتية – كأمسيات "ليديز نايت" Ladies night على سبيل المثال – من أجل ضمان وفاء الائن المحليين. أما الملهى الآخر الذي يعشقه الجيل الجديد فليس سوى ملهى "ثياترو"Theatro .

ففي هذا المسرح العتيق المجدد كليا واللصيق بقصر السعدي، تعطي موسيقى الهاوس والتكنو الإيقاع للسهرات التي تحييها مجموعة من البهلوانات الذين يحتلون المكان من أرضه إلى سمائه. وهذا الملهى الذي يكون مزدحما في آخر الأسبوع يعتبر جزءا من المسار الذي يتبعه العارفون بليالي المدينة. وأخيرا وليس آخرا نذكر ملهى "الباشا" Le Pacha الأسطوري! فبعد أن افتتحت هذه الدار العالمية محلات لها في مدن شهيرة مثل إيبيزا و لندن وبوينس إيرس، هاهي تحط الرحال بمراكش. والملهى ليس فقط علبة ليلية بل هو أيضا مركب شاسع يجمع بين المطاعم، وتتوالى فيه الأحداث الموسيقية الهامة التي يُستدعى لها أكبر المنشطين العالميين، مع نوعية صوت ممتازة وباحة رقص رائعة. والخلاصة أن ملهى "الباشا"Le Pacha مكان لا غنى عن زيارته في مراكش، على الأقل بالنسبة إلى من يستطيعون تحمُّل الصوت المرتفع!



إيطاليا الصغيرة كان بإمكان مراكش، بصفتها مدينة سياحية، أن تكتفي بالمطاعم المغربية الأصيلة وبعض الأسماء العالمية في ميدان الطبخ، لكن المدينة الحمراء، باختيارها لأعداد لا محدودة من المطاعم والمطابخ، أصبحت بالفعل مدينة عالمية.

فلو أننا عدَّدْنا على سبيل المثال المطاعم الإيطالية وحدها لاكتشفنا أن هناك في مراكش "إيطاليا صغيرة" مثل التي في نيويورك! ونذكر على سبيل المثال مطعم "لاروتوندا" La Rotonda الذي كان من أوائل المطاعم الإيطالية الرفيعة التي فتحت أبوابها في مراكش. في هذا المطعم الموجود في حي القصبة يتقاسم المغرب وإيطاليا عرش الأطباق المقترحة، التي يتذوقها الزائر في جو من الأناقة البديعة والحنين اللطيف. ثم هناك مطعم "كاتانزارو" Catanzaro ذي الجو الأكثر حميمية، والذي يمثل المرجع الأساس لعشاق الطبخ الإيطالي. وهذا المطعم الذي يقع في حي غليز لا يكاد يخلو من الناس منذ ما يقارب عشرين عاما!

في فئة أكثر رُقيّاً، هناك مطعم La Trattoria de Giancarlo، وهو دون شك المطعم الإيطالي المفضل لدى المراكشيين، حيث يعتبر تناول العشاء قرب المسبح أو في أحد الصالونات المجهزة بمدفأةٍ بمثابة قمةًٍ في فن العيش!

وقد جاء مؤخرا مطعم آخر لينضاف إلى اللائحة، هو مطعم Tosca الذي يقترح طبخا إيطاليا من أرفع مستوى وأطباقا لذيذة. وأما بالنسبة إلى الميزانيات المحدودة فهناك أيضا إمكانية تذوق العجائن والبيتزا بأسعار منخفضة، وذلك بالخصوص عند عنوانين متميزين هما Pizza 7 الذي يتوفر أيضا على خدمة التسليم في المنزل، وكذلك Pizza Pazza الذي تبدأ أسعار الطعام فيه عند 35 درهما! وبهذا السعر فإنه يكون من المؤسف أن يحرم المرء نفسه من تذوق قطعة من إيطاليا...

المطاعم المواكبة لروح العصر تجتذب المدينة الحمراء السياح من مختلف أنحاء العالم، لكن كذلك من أنحاء المغرب. ولا يأتي الزائر إلى مراكش فقط من أجل زيارة المعالم الأثرية والتسكع تحت الشمس إلى جوار مسبح، لأن أحد أهم ما تخبئه المدينة لزائرها إنما يُكتشف في الليل...
فعدد كبير من المطاعم العصرية تضيء الليالي المراكشية، وهذا هو السبب في كون المدينة تمتلئ عند نهاية كل أسبوع بعدد من الزائرين الباحثين عن قضاء وقت ممتع. ونذكر من بينها على سبيل المثال Le Comptoir Darna، أحد معابد الرقص الشرقي، الذي احتفل مؤخرا بالعشر سنوات الأولى من عمره، عشر سنوات لم يحدث فيها أن كان المكان فارغا أبدا! وأما مقومات نجاحه فتجمع بين الرقص الشرقي وموسيقى الصالون بإشراف المنشط الشهير كلود شال Claude Challe وأطباق تجمع بين الطبخ المغربي والدولي! أما بالنسبة إلى Bôzin، المعبد الآخر، فالمقومات هي الحديقة والموسيقى العصرية والمطبخ ذي النفحات الأسيوية... أما في Salam Bombay، فإن السهرة تمضي وسط الألوان الزاهية البراقة التي تعرف بها الهند، مع باحة مكشوفة تتيح الاستمتاع بأمسيات الصيف، والموسيقى والسهرات الموضوعاتية تجتذب ائن شبابا من مختلف الطبقات. وأما فريق البيتلز الشهير فقد حظي باهتمام جديد بفضل مطعم Yellow Sub ذي الديكور والموسيقى المستوحيين من ستينات القرن الماضي، والذي تغطي جدرانه صور وذكريات عن الشبان الأربعة الذين عشقهم العالم ولا يزال.
فيا للحنين حين يأخذنا...
المطاعم لأسيوية


أن الموجة الأسيوية قد اجتاحت المدينة الحمراء...

فزائر مراكش يستطيع أن يتذوق من جميع المطابخ الأسيوية، من الصينية إلى اليابانية وحتى التايلاندية، بحيث لم تكن آسيا قريبة كما هي اليوم! فمنذ زمن بعيد – فيما يبدو – يقدم إلينا Le Dragon d’Or ملفوفات ربيعية وأرزا من كانتون بكميات كبيرة، وهو يشكل مرجعية بالنسبة إلى كثير من المراكشيين العاشقين لهذا الطبخ. أما فيما تعلق باليابان فإن مطعم Kiotori كان أول من افتتح هذه الموجة بأطباق السوشي والماكي الشهية.
وأما مطعم Katsura الذي افتتح أبوابه مؤخرا، فيقترح علينا طبخا تايلانديا وعددا من الأطباق اليابانية، حيث يتذوق الزائر وصفات من الووك wok وأنواعا من السوشي في إطار يجمع بين البساطة والحداثة. والمطبخ التايلاندي يتمتع بدفعة قوية بحكم أن مطعم Thaï Wok قد تخصص فيه إلى جانب أطباق فيتنامية وأخرى يابانية. هنا سيكون لكم الخيار بين الكاري وفطائر الأرز المقلي nem والووك والسوشي وغيرها.

ودائما اليابان حاضرة بشكل متميز في مطعم Tatchibana، وهو عنوان فريد في المغرب، بإطار ياباني أصيل ومطبخ تقليدي يقوم عليه "شيف" ياباني ماهر، حيث يجد عشاق المطبخ في مذاق الأطباق كما في طريقة تقديمها تجربة فريدة من نوعها في تذوُّق الطبخ الياباني.

وللهند أيضا من ذلك نصيبٌ بفضل مطعم Les Jardins de Bala الذي يطل على المدينة من أعلى فندق Les Jardins de la Koutoubia، حيث تُسْكِرُكم النكهات الهندية وسط ديكور ساحر... وإلى هذه العناوين جميعا تضاف التأثيرات الأسيوية التي نجدها في وصفات العديد من المطاعم، في غزوٍ لفن الطبخ لم نشهد له من قبل مثيلا، لا يجد المرء إلا أن يستسلم لهابتلذُّذ...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق